الرئيسية / كتاب الموقع / أيام زمان.. الحلقة الثانية

أيام زمان.. الحلقة الثانية

أيام زمان …

م. خالد أبو النورس البشابشة

الحلقة الثانية من سلسلة حلقات عن الأيام السابقات …

لا زلت استذكر ما تستذكره نسوان زمان بوصف الاوهام الحلوة التي قضتها في الرخاء والهناء ووسائل الترفيه وقلة الشغل وراحة الاجسام والابدان ومقارنتها بهذه الأيام.

فقد كُن يقضين اوقاتهن امام الشاشات ومتابعة المسلسلات، واخريات يلهنً امام وسائل التواصل الاجتماعي كالفيسبوك وتويتر والانستغرام.

يبدا دوام النساء زمان بالأعمال البيتية الروتينية كطوي الفراش وجلي ما جمع من وجبة العشاء الفائت او البائت من يوم أمس وعادة ما تكون صحون بلاستيكية او من الالمنيوم وابريق الشاي وبعض الكاسات …توضع في الجلاية الكهربائية المكونة من (اللقن)، هذا اللقن المصنوع من الحديد متعدد الاستخدامات فتارة للجلي وتاره للغسيل والاستحمام وأحياناً لتنظيف روس الخرفان ونتف الجاج وريش الحمام.

وبواسطة المكانس الكهربائية المصنوعة من (القش او المقاش) التي تتناثر بذورها العالقة كعلامة على الوقت الأنسب لحشها وجهوزيتها للتحول الى ست البيت في هذا العصر وهي (المقشة) وتستمر المرأة المدللة بتكنيس البيت ومحيطه حتى قبل موعد ضحى الشمس ايذاناً ببدء الاستراحة.

طبعاً تختلف الاستراحة من اسرة الى أخرى وذلك حسب القصر المبني من الحجر، اقصد الغرفتين المبنيات من الحجر والطين او من حصى السيل (حجر/ رمل وادي) والاسمنت تلك الغرفتان المطليتان بدهانات الستوكو ومركب فيها بديل الخشب والرخام متعدد الألوان…بل كان الشيد(الجير) هو الدهان الديلوكس للبيوت والألوان المتعددة محصورة بلونين فقط هما الأزرق (النيلي) والاخضر(الحشيشي) كما كان لون بيتنا وبيوت الجيران

يتوسط سقف البيت (الثرية) المكونة من سلك اسود خارجي مدلى ومعزول بالخيطان ويعتبر مرتعاً لبراز الحشرات والذبان في نهايته لمبة 100 شمعة بالكاد تضيئ على نفسها وما حولها، والأرضية اسمنتية ملساء كالبلاط ان لم تكن أفضل يعترضها مصرف للماء في زاوية الغرفة عنوان للكبرياء.

اما المطبخ فمصنوع من خشب البلوط والميلامين واللامنيت… والديكورات الزجاجية والإكسسوارات… والانارة المخفيات ، فمطبخ زمان سقفه عبارة عن قُصًيب يحمله ثلاث او أربع جسور حديد، يحتوي على نملية (الخزانة) والكوارة (مستودع الطحين) ومجموعة من الرفوف الخشبية يغلفها مشمع ذو ألوان زاهية نوغ من التحضر والصرعات… وفي الزاوية يظهر المصرف (مكان للتخلص من المياه) أيضا في الزاوية.

اما الحمام او ما يسمى (الخارج / بيت المي/ المرحاض) عادةً ما يكون بالحديقة (الحاكورة) وتصوروا معي الامر إذا ما تأزمت معك في فصل الشتاء وانت في فراشك مستمتعاً بالدفء المهول يقص عليك حكاية الوحش او الغول.

ولم يبقى من مكونات المنزل الا البلكونة الخارجية (الصيباطه) وهي تقبع امام البيوت ولها مدخل ومخرج لكل واحد منها درجة للخروج والعبور وأحيانا قد توصلك الى طريق الحمام واخر بقودك الى المطبخ ايها الجيعان.

اما السور الخارجي (السنسلة) فهي بنيان مرصوص او اشد من الحجارة المرتبة ترتيباً هندسيا… لا حجر داخل ولا حجر خارج ، عبارة عن منظومة بنائية صلبة اذا ما كان قد بناها مهندس الحجارة الذي لم يدخل جامعات ولا مدارس المرحوم خلف السليم البشابشة (ابو عصام) وعادة ما تكون بعرض(50) سم وارتفاع ما بين (1-1.5) متر يتوسطها بوابة خشبية كبيرة مرصعة بالزينكو تفتح بالمناسبات وبوابة صغيرة بداخلها تسمى (الخويخة) للأهل والخوات .

الى اللقاء في الحلقة القادمة