الرئيسية / كتاب الموقع / تحفيز الصادرات

تحفيز الصادرات

عبد المنعم عاكف الزعبي

أمام الأردن فرصة لزيادة صادراته بحوالي 5 مليار دولار. هذا ما تتنبأ به الأداة الإحصائية الخاصة بأحد المراكز المرتبطة بمنظمة التجارة العالمية.

الأهم من الخوض بتفاصيل المنهجية العلمية والنماذج الإحصائية المستخدمة في بناء هذه التقديرات، أن يتم وضع ملف تحفيز الصادرات على رأس أولويات الاقتصاد الأردني.

فالصادرات وحدها قادرة على تحقيق نمو اقتصادي مستدام. وهي العلاج الوحيد أمامنا لتخفيض الدين العام دون اللجوء إلى فرض الضرائب أو تخفيض الإنفاق. كما أن العملة الأجنبية التي توفرها الصادرات بديل لمصادر أخرى أعلى كلفة، مثل الاقتراض الخارجي. أي أنها تدعم الاحتياطيات الأجنبية، وترفع السيولة المحلية، وتسمح بإعادة هيكلة الدين العام ليصبح أكثر اعتمادا على الدين الداخلي من الدين الخارجي غير المضمون.

الأمر لا يتطلب أكثر من استعراض أرقام الصادرات الأردنية لاستشعار الفرص المحتملة لزيادة التصدير.

وإذا نظرنا إلى رأس قائمة السلع المصدرة عام 2022، نجد بأن الأردن صدر منسوجات وملابس بقيمة 1.5 مليار دولار.

صحيح أن معظم هذا الصادرات تذهب إلى الولايات المتحدة بشروط خاصة من خلال المناطق الصناعية المؤهلة (QIZ)، ولكن هذا لا يبرر حصر نجاح التصدير بالمعاملة الجمركية التفضيلية من الجانب الأمريكي. والدليل على ذلك حفاظ هذا البضائع على تنافسيتها رغم المسافة البعيدة التي تقطعها للولايات المتحدة. ويدعم هذا الدليل أن صادرات الملابس الأردنية تصل بنجاح أيضا إلى أسواق بعيدة أخرى مثل كندا وهولندا بمئات ملايين الدولارات. ويضاف إلى ما سبق ميزة انخفاض اعتماد صناعة الملابس على الطاقة، ووجود أيدي عاملة أردنية قابلة للانخراط في هذا القطاع، وإن كان ذلك دون المعدل المأمول حاليا.

وجود هذه التنافسية يتطلب جهدا إضافيا لبحث الفرص مع المستثمرين في قطاع المنسوجات والملابس، وتقديم المزيد من التسهيلات والحوافز والدعم الخارجي لهذا النشاط التصديري.

ما ينطبق على قطاع المنسوجات يمكن أن ينطبق أيضا على قطاعات الأدوية، والزراعة، وتكنولوجيا المعلومات، والسياحة، وصادرات الخدمات الأخرى.

أحد الملفات الملحة لتشجيع الصادرات هو الحوافز الضريبية. وعلى الرغم من وجود المادة “ه” في قانون ضريبة الدخل، والتي تسمح بإعفاء دخل الصادرات جزئيا أو كليا من ضريبة الدخل، إلا أن إعفاء صادرات السلع توقف كليا مع نهاية عام 2018، ولم يصدر نظام جديد منذ عام 2016 بهذا الخصوص.

إذا كان سبب توقف هذه الإعفاءات هو الاستجابة لمتطلبات منظمة التجارة العالمية، تكون العقبة أمامنا قابلة للتجاوز. فالمنظمة حاليا في طور الموت السريري، وجهازها التحكيمي غير فعال، والولايات المتحدة أول من يتجاوز قواعدها وقراراتها التحكيمية. كما أن الدول الأخرى تقدم إعفاءات مشابهة لصادراتها، وتدعمها بشتى السبل، وصولا إلى إقراض مستوردي بضائعها على أسعار فائدة تفضيلية. وطبعا لا ننسى الضرائب المنخفضة والمناطق الحرة والخاصة داخل الأردن، وفي مختلف أنحاء العالم.

السبب الآخر المحتمل وراء توقف إعفاء الصادرات هو حاجة الخزينة للإيرادات. وهذا عامل يتفهمه الجميع ولا يمكن إنكاره. ولكن مع ذلك، يبدو ممكنا إعادة رسم نظام إعفاء دخل الصادرات، بحيث يتم تقليص الأثر السلبي على إيراد الخزينة، وتقديم أكبر دعم متاح للصادرات الوطنية.

هنا يمكن التفكير بأن تعتمد الإعفاءات على نسبة القيمة المضافة المحلية، أو أن يتم حصرها بقطاعات معينة أو سقف محدد من الدخل، أو بحجم الشركة المصدرة، وبحيث يتم على الأقل دعم المصدرين صغار ومتوسطي الحجم. يمكن كذلك الاشتراط على المصدرين بأن يتم استثمار قيمة الإعفاء في مشاريع رأسمالية واستثمارات جديدة. وربما يتم النظر بتسهيل شروط استفادة الشركات الوطنية المصدرة من ميزات المناطق الصناعية والتنموية.

هذه المقترحات وغيرها، مثل زيادة الدعم المقدم لتمويل المصدرين، والاستفادة من البنوك الأردنية الموجودة في الخارج لتوفير تمويل منافس للمستوردين من الأردن، تستحق مزيدا من البحث والدراسة.

لا ننسى أن نشكر الحكومة على الاستمرار بإعفاء دخل صادرات الخدمات من الضريبة، وأن نشجعها على المزيد من حوافز التصدير.