الرئيسية / فلسطين / أحياء غزة المدمرة…من هنا مر الغزاة (صور)

أحياء غزة المدمرة…من هنا مر الغزاة (صور)

الرمثانت – في غضون أيام معدودة تغيرت معالم الكثير من الأحياء في قطاع غزة، وفقدت أهم أحياء مدينة غزة وأجملها رونقها، وانطفأت بهجتها، بعد أن دمرت الطائرات مئات المباني فيها، ونشرت الموت والخراب في شوارعها.
دمار وتغيير معالم
فبعد أيام من تدمير حي الرمال، أكثر أحياء غزة تطوراً من الناحية العمرانية، ويضم منشآت اقتصادية وتجارية، ومؤسسات وطنية هامة، جاء الدور على مناطق شمال قطاع غزة، إذ عاثت الطائرات فيها خراباً، خاصة منطقة تل الزعتر، أبراج الكرامة، وأبراج الندى وغيرها.
أما حي الشجاعية المكدس بالسكان، والذي يضم آلاف المنازل والعمارات، والشوارع والممرات الضيقة، فقد تعرض لأحزمة نارية متتالية، تسببت بخلق دمار وخراب كبيرين فيه، إذ أكد شهود عيان، أن الطائرات بدأت بغارات تسببت بنزوح أغلب سكان الحي، ثم شرعت بتدمير البنايات الأكثر ارتفاعًا في الشجاعية، قبل أن تبدأ بعمليات قصف مركزة، طالت شوارع ومربعات سكنية كاملة في الحي.

وبعد ساعات من الغارات المكثفة على الحي المذكور، بدأت فرق الدفاع المدني وسيارات الإسعاف بالدخول للحي، وشرعت بالبحث عن إصابات وشهداء، وجرى نقل العشرات، بينما وصف مسعفون الوضع في الحي بالمروع.
من هنا مر الغزاة
وأكد المواطن محمود صيام، وقد نزح من مناطق شمال القطاع باتجاه جنوبه، بعد أن عاش وعائلته أياماً عصيبة، جراء استمرار الغارات في مناطق جباليا وبيت لاهيا وبيت حانون، أنه شاهد خلال رحلة النزوح التي أصر وعائلته للمشي خلالها نحو عشر كيلو مترات سيراً على الأقدام، وقد رأى مشاهد قاسية، فأجمل أبراج غزة تحولت إلى كومة من الركام، ومناطق سكنية جميلة وزاهية أصبحت أثراً بعد عين، ومربعات سكنية مسحت عن الخارطة، ولا يشاهد سوى أكوام من الركام، وشوارع مدمرة، وحاجيات المواطنين متناثرة في كل مكان.
وبين أن الأحياء التي دُمرت، خاصة حي الرمال بأبراجه، أفقدت مدينة غزة جمالها، وتسببت بتهجير عشرات آلاف الأسر، وخلقت واقعاً مأساوياً سيمتد تأثيره لسنوات قادمة.

أما المواطن أنس حمزة، فقد عاش وعائلته 8 ساعات هي الأصعب في حياته، إذ قال إنهم حوصروا في قبو العمارة التي يقطنونها، خلال تنفيذ الطائرات أحزمة نارية في مناطق غرب مدينة غزة، خاصة في محيط “دوار أبو مازن”، موضحاً أنهم سمعوا أكثر من 120 انفجار، وكانت الحجارة تتطاير في كل مكان، ويُسمع الصراخ من حولنا.. لقد نطقنا الشهادتين مرات كثيرة.
وأكد حمزة، أنه وبعد هدوء الغارات خرجوا في رحلة نزوح مازالت مستمرة، وشاهدوا مآسي لا يمكن تصديقها، فالعمارات التي كانت تزين مناطق غرب غزة أصبحت أثراً بعد عين، وبعضها كانت مازالت تقف لكن دون واجهات، عبارة عن أعمدة خرسانة فقط.
وبين أن شقيقه كان ينوي الزواج خلال فترة قصيرة، واشترى شقة وجهزها، لكنها دمرت بعد قصف العمارة التي كانت تتواجد فيها، فأصابه بحالة من الحزن والإحباط، لافتاً إلى أن الحزن الأكبر بفقد الأحبة والأصدقاء، من الجيران ممن استشهدوا جراء الغارات.
الزهراء انطفأت
أما مدينة الزهراء، أحدث وأجمل مدن غزة، والتي أقيمت بأحدث أنظمة الإعمار، وهي مقابلة لشاطئ البحر في محافظة وسط قطاع غزة، فقد كانت هي الأخرى في مرمى الطائرات، إذ بدأت الغارات نحوها صباح الخميس الماضي واستمرت لأيام.
وقال مواطنون إن المدينة الجميلة والتي تضم 26 برجاً، تأوي آلاف الأسر، تلقى سكانها إنذارات إخلاء، ما دفعهم للنزوح عن مساكنهم، وما هي إلا ساعات حتى بدأت الطائرات باستهدافها، وانهارت الأبراج واحداً تلو الآخر، وشوهدت أعمدة الدخان والنار من مسافات بعيدة.

وقال المواطن محمود عمر، ويقطن في مدينة الزهراء، إن ما دُمر ليس مجرد بنايات، فهي بيوت حملت ذكريات جميلة، وشرائها استغرق جهد وتعب سنوات طويلة، وفي غمضة عين انتهى كل شيء، وأصبحت آلاف الأسر مشردة، لا مأوى لها.

وأوضح عمر أنه حزين لما حل بمدينة الزهراء، وباقي الأحياء في قطاع غزة، فكل مكان يشير إلى أن الغزاة مروا من هنا، وتركوا الموت والخراب ورائهم.
دمار في كل مكان
ولم يقتصر الدمار والخراب الذي أحدثته طائرات الاحتلال على أحياء الرمال، والشجاعية، وشمال القطاع، فلا يكاد يخلو حي من الدمار، فحتى المناطق التي طلب الاحتلال من النازحين التوجه إليها قصفت، والمستشفيات لم تسلم من الغارات، حتى الكنائس جرى استهدافها.
ويقول المواطن إبراهيم منصور، إنه خرج من مدينة رفح إلى محافظة خان يونس المجاورة، لعيادة صديق مصاب يتواجد في مستشفى ناصر، ولم يمر بشارع أو زقاق إلا وشاهد كومات من الحجارة والركام، معظمها كان يعمل شبان فيها بحثاً عن عالقين تحتها.

وقال  إن المشاهد مروعة، والدمار أكبر من أن تصفه الكلمات، وآلام الفقد والفراق يعانيها عشرات الآلاف من سكان القطاع.

وأكد أن ما شاهده أمر فظيع، كان يعتقد أنه موجود في كتب التاريخ، وفي الأفلام السينمائية، لكن آلة الحرب الإسرائيلية حولته واقعاً في غزة، متسائلا عن الصمت الدولي المطبق حيال ما يرتكب في غزة من مذابح!.
وأوضح منصور أن الحرب قد تنتهي بعد أسبوع أو شهر أو أكثر، لكن آثارها ستبقى حاضرة لسنوات طويلة، ولن ينس من نجوا من هذا العدوان ما حل بهم من مآسي بسبب الاحتلال الذي ارتكب مذابح مروعة في غزة.
إفراط في الأحزمة النارية
واستخدم الاحتلال في هذا العدوان ما بات يعرف بـ”الأحزمة النارية”، وهي تكتيك جديد في الغارات، يعتمد على مشاركة ما بين 100-150 طائرة، تقوم على قصف منطقة سكنية محددة، وتسقط عليها عشرات الأطنان من المتفجرات في وقت زمني قصير، ما يؤدي إلى أوسع موجة دمار ممكنة، وقد نفذت الطائرات منذ بدء العدوان، عشرات الأحزمة النارية، خاصة في مدينة غزة، وشمال القطاع، وكذلك محافظة خان يونس جنوب قطاع غزة.
واقع ديمغرافي جديد
خلق العدوان الإسرائيلي واقع ديمغرافي جديد في قطاع غزة، وأعاد توزيع خارطة السكان على نحو غير متوقع، ففي حين خلت مناطق شاسعة من شرق وشمال القطاع من السكان، تكدست أخرى بمئات الآلاف.
واستقبلت بعض المحافظات والأحياء والمخيمات مثل مخيم النصيرات، ومدينة دير البلح، وغرب محافظتي خان يونس ورفح، ثلاث أضعاف سكانها، ما أحدث تزاحم شديد، وضغط على الخدمات المنهارة.
فوصل الحال في بعض المناطق لتزاحم غير مسبوق، بينما غصت المنازل والمدارس بالنازحين في مناطق جنوب ووسط القطاع، ظناً من المواطنين أن تلك المناطق آمنة، رغم تعرض مئات المنازل لغارات عنيفة، وارتكاب مذابح مروعة فيها.
المواطن إبراهيم جمعة أكد أن مناطق وسط وغرب محافظة رفح، تشهد ازدحام وتكدس لم تشهده في تاريخها، وفي بعض الشوارع يكاد لا يجد المارة موطئ قدم، أما الوضع في مدارس الإيواء المكتظة فحدث ولا حرج، وهناك ضغط على الخدمات، وشح شديد في المياه، ونقص في الغذاء، وهذا كله ينذر بكوارث إنسانية كبيرة.
فلسطين بوست
whatsapp sharing button