الرئيسية / كتاب الموقع /  الاغلبية الصامتة تنطق

 الاغلبية الصامتة تنطق

د. صبري الربيحات

في الاضراب الذي نظمه الناشطون في العالم يوم الاثنين ١١ كانون اول ٢٠٢٣ على مساحة الفضاء الانساني وشارك فيه الاردن بدعوة من القوى والفعاليات والتنظيمات الاهلية و على نطاق واسع الكثير من المعاني والعبر والدروس التي ينبغي تأملها والتوقف عندها.

في مدن وبلدات ومخيمات ووادي الاردن بدت المحلات مقفلة والشوارع شبه فارغة والكثير من المؤسسات والمهن والورشات متوقفة عن العمل بالرغم من التأكيد الحكومي على ضرورة الالتزام بالعمل والتدريس والنشاط في المرافق ومنافذ الخدمة العامة.

عدالة القضية والتزام الاردنيون بمناصرة اخوتهم وتعاطفهم مع معاناتهم واعجابهم ببسالة المقاومة وتقديرهم لاهمية التضحيات وسمو الانجازات وأثرها على إحياء القضية ورفع الروح المعنوية للأمة واسهامات كل ذلك في تغيير الصورة التي تشكلت عنهم عبر عقود من الضعف والانكسار والاستسلام هي التي دفعت الناس الى المشاركة بهذا الحدث التاريخي والالتزام بتنفيذه.

للمرة الأولى ومنذ عقود يتواصل الناس من مختلف بقاع الارض ليوحدوا صفوفهم ويعبروا عن رفضهم للتعنت الامريكي والغطرسة الصهيونية وكل اشكال العنصرية والظلم والتمييز الذي تمارسه قوى النظام الاستعماري الغربي ومحطتها العدوانية المتقدمة في قلب العالم العربي .

المشاركة الشعبية الواسعة في الإضراب تعكس حيوية المجتمع العربي والتفاف ابناء الامة حول القضايا الكبرى المرتبطة بالوجود والهوية وتبرهن على التصاق الناس بالقضايا الوطنية العادلة المغروسة في قلب ووجدان كل من ينتمي لها وتقيم الدليل على وجود استعداد فطري للعمل …

كثافة المشاركة وحماس المشاركين والتزامهم بجداول المظاهرات والاعتصامات والاضرابات التي نظمت اخيرا مقابل الفتور والتردد في تلبية الكثير من الدعوات للمشاركة في الاحزاب الجديدة والمجددة مؤشر على مدى جدية القضايا واهميتها للناس او قربها من نبضهم وميولهم وتفكيرهم..

فيما حدث في الأيام الاخيرة من خروج غالبية الأردنيين الى الشوارع والتزامهم بالاضراب بالرغم من دعوات الحكومة للدوام ما يدعو صناع السياسة ومهندسو الاصلاح والتحديث للتفكير و التأمل.