الرئيسية / كتاب الموقع / حسين الرواشدة وأزمة النقاش العام

حسين الرواشدة وأزمة النقاش العام

د.طلال طلب الشرفات

راقت لي مضامين مقالة الصديق الكاتب حسين الرواشدة حول مآلات أزمة النقاش العام في الكثير من قضايانا الوطنية المفصلية، وفي مقدمتها من يقود الآخر الدولة أم الشارع؟ وهل آن الآوان لمكاشفة أخلاقية تطفو على السطح، وتعالج -فقط- حدود الاجتهاد في مصالح الوطن العليا وضوابط القفز عليها، وتنمّر الشارع على الحدود الدستورية والقانونية للحراك العام والذي يجري “للأسف” بتواطؤ نخبوي متعمد ومشين من معظم رجال السلطة، المتقاعدين منهم والمقلّدين.

منذ أزمة المعلمين؛ قلنا أننا نعيش حالة انكفاء متسارع في الخُلق النخبوي، والضمير الشعبي في محاكاة الأزمات الوطنية المفصلية تلك التي تتطلب قدراً وافياً من الوعي، ونكران الذَّات، وحذرنا وقتها من مخاطر عدم الإدراك لحالة الانفلات النخبوي، وخاصة في تيار الموالاة والتي يُفترض أن تضبط حالة الإيقاع العام، وربطها بثوابت الدولة ومرتكزاتها، ومصالحها العليا، وسيادة خطابها العام.

لدينا مشكلة بنيويّة في ضبط السلوك التحريضي لنخب الدولة خارج السلطة تجاه الشارع بمضامين خفية، ومعلنة أحياناً، وعجز متراكم من قبل الدولة ذاتها لرصد وتصنيف تلك المخاطر؛كي تضع حلول لها بما يتجاوز الاسترضاء النفعي بين الحين والآخر، والرضوخ لدواعي الحَرد، وعض الأصابع التي أضحت تهدد عوامل الاستقرار الوطني وسيادة الدولة.

لا راية تعلو فوق راية الوطن، ولا صوت يعلو فوق صوت القيادة والدولة؛ اللتان جسّدتا كل قيم النصرة، والإسناد في كل محفل وموقف ومقام، وإذا كان هناك من يريد أن يزاود على تلك المواقف؛ فاولئك هم فقط أعداء الداخل، وروّاد السفارات الذين تنحصر مهمتهم في محاولة تقويض الدولة، وإشاعة الفوضى، وخدمة المشروع الصهيوني في التهجير، وتقزيم المواقف الرسمية والشعبية الشريفة، والتي لم تلامسها دولة، ولم يرتق نحوها شعب آخر.

فالشعوب تناضل وتناصر بالحكمة لا بالانتحار، ومرة أخرى حان وقت لإدراك تحدياتنا الحقيقية التي تستدعي التفكير واليقظة والحرص، وفي مقدمتها هويتنا الوطنية الراسخة التي تعلو على الهويات الفرعية الرديئة، وأمننا الوطني الذي يتقدم على أي موقف أو مصلحة. وبعد ذلك تنهض القضايا الأخرى الداخلية منها والخارجية.

حجم المؤآمرات على الأردن إقليمياً ودولياً يتجاوز حدود الوعي والاحتمال، والموقف الأردني المحوري الحكيم يجسّد الدبلوماسية الفاعلة التي تتقدم كل الصفوف بشرف النوايا، ونبل الهدف؛ لنصرة الأشقاء تجاه حرب الإبادة، ومقاومة الغطرسة والاحتلال، وحماية الوطن من غدر الصهاينة، وتآمر البغاة.