الرئيسية / كتاب الموقع / حرب استنزاف مشبوهة على حدودنا الشمالية

حرب استنزاف مشبوهة على حدودنا الشمالية

د.زهير أبو فارس

ما يجري من تصعيد عدواني على حدودنا الشمالية يمثل حالة حرب حقيقية، لا تحتاج الا اعلان من قبل تلك الجهات التي تشنها باستخدام ادواتها ووسائلها التخريبية، التي تهدد أمن واستقرار بلدنا ومجتمعنا.

لقد أصبحت صورة الأحداث المتتالية خلال السنوات الماضية واضحة بصورة لا تحتمل التأويل، وهي ان هناك قوى وجهات إقليمية (معروفة) تستهدف هذا الحمى العربي أمنا وكيانا ومصالحا ومواقفا، وإلا ، فكيف نفسر مثل هكذا عدوان علينا؟، وما يتطلبه من استنزاف لمقدرات الدولة الاقتصادية ومشاغلة مؤسساتها السيادية ، وفي مقدمتها قواتنا المسلحة واجهزتنا الأمنية، وتشتيت جهودها في مواجهة عمليات التهريب والتخريب التي لا تتوقف ، في الوقت الذي نحن فيه بأمس الحاجة إلى تركيز الجهود وحشد الطاقات والامكانات لمواجهة التحديات والاخطار الهائلة التي تمثلها السياسات العدوانية لليمين الصهيوني الديني العنصري المتطرف، الذي يمارسه عبر جرائمه ومجازره البشعة تجاه شعبنا الفلسطيني في غزة والضفة الغربية، بما فيها من قتل وترويع وإبادة جماعية ، بهدف الوصول إلى التهجير وتصفية القضية الفلسطينية، حيث كان الأردن وسيبقى، حجر الرحى في التصدي لهذه المخططات والممارسات العدوانية التوسعية.

ومما يبعث على الحيرة والشك في آن واحد، هو هذا التزامن المريب بين حرب الاستنزاف والمشاغلة التي تقوم بها شبكات التهريب المنظمة المدعومة من ميليشيات وقوى إقليمية لإضعاف إمكانات وقدرات الدولة الأردنية.. وبين المواقف المشرفة للدولة الأردنية قيادة وشعبا ومؤسسات، والتي قل نظيرها ، في دعم الأهل في فلسطين في ملحمة البطولة والصمود التي يخوضونها، وتكفي الإشارة هنا إلى الدور المؤثر الذي قام به جلالة الملك والدبلوماسية الأردنية التي يقودها على المستويات الإقليمية والدولية، ومقابلات جلالة الملكة ، في إحداث التغيير والانعطافة الحادة في نظرة العالم والمجتمع الدولي تجاه العدوان الاسرائيلي على غزة ، تلك المواقف والتحركات التي جاءت في ظروف بالغة الصعوبة والتعقيد، عندما كان العالم أصما لا يريد أن يسمع سوى الرواية الإسرائيلية.

إذن، وأمام هذه الحقائق الساطعة، أليس من حقنا أن نتساءل عن الأهداف والأدوات والجهات المشبوهة التي تقف خلف ما يجري على حدودنا الشمالية ؟! ، وأليست جزء من المخطط الأكبر لاستهداف الأردن ودوره المحوري في دعم القضية الفلسطينية ومواجهة المخططات العدوانية لتصفيتها ؟!.

وأخيرا.. فإن ما يقوم به بلدنا وبواسل قواتنا المسلحة واجهزتنا الأمنية من جهود عظيمة لحماية وطننا من التهريب والتخريب بأنواعه وأشكاله المختلفة يصب أيضا، في مصلحة الأشقاء في الدول العربية المجاورة، مما يستدعي إيلاء الإهتمام اللازم لما يجري، باعتباره ذا علاقة عضوية مباشرة بالأمن الوطني والعربي الجماعي، وما يتطلبه من دعم واسناد للأردن في هذه الحرب المفتوحة .

وختاما، فإن القوى والجهات التي تدير وتوجه ميليشيات وشبكات التهريب والتخريب إياها (وهي معروفة) ، لا تستطيع أن تقنع حتى السذج أنها تقف حقا في خندق أعداء الأمة العربية والإسلامية، في الوقت الذي تدعم وترعى حرب استنزاف ضد بلد عربي أصيل مستهدف بالاطماع الصهيونية التوسعية، والذي أثبت تاريخه الطويل انه الأصدق والأقرب إلى فلسطين والقدس ، والأمين في حمل رسالته التاريخية والقومية..