الرئيسية / كتاب الموقع / سندويشة ولو طارت

سندويشة ولو طارت

الأستاذ الدكتور ناصر نايف البزور واللهِ لقد رأينا بأمِّ أعيُننا بعضَ المخلوقات، وما أكثرهم في المجتمع، يَمتَلكون الآلاف بل وعشرات الآلاف مِن الدنانير؛ وإذا ذهبوا لشراء ‘سندويشة’ فلافل جعلوا صاحب المطعم يكادُ يخرجُ مِن ملّةِ الإسلام: “زيدلنا البطاطا… زيدلنا الفلافل… زيدلنا الحُمّص… زيدلنا البيتنجان… زيدلنا البندورة… زيدلنا الطحينية… كمان شوية بطاطا… كمان حبتين فلافل… كمان كمشة بطاطا… كمان معلقة حمّص… ليش البندورة مش حمرا… ليش الفلافل مش مستوي… ليش البطاطا مش مقرمشة” ويبقى يُساوم صاحب المطعم حتّى يُعطيه صاحبُ المطعمِ السندويشة ويدفعهُ خارجَ المطعم ويقول له: “سايق عليك الله، يا زلمه، كافيني شَرَّك… خُذ هالسندويشة ببلاش… بَس روح وحِلّ عن خِلقتي” كُلُّ هذا المِراء والتعجيز والابتزاز لعامل أو صاحب المطعم يكونُ عندما يشتري أمثالُ هذا الشخص من هذه المخلوقات المريضة ‘سندويشة’ فلافل بنصف دينار… وكأنَّه يُريد شراء سيّارة لمبرغيني بمواصفات خاصّة من المصنع نفسه… فكيف لو أرادَ الواحدُ منهم شراءَ كَبش أو تَيس… عندها قد يطلبُ مِن صاحبِ القطيع أن يكون الكبش/التيس قادراً على إنتاج الحليب وهو يعلمُ أنّه ذكر؛ أيّ أنّهُ ليس نعجةً ولا عَنزة… وحتّى لو حَلبَ التيس لطلبَ مِن صاحب المزرعة بأن يكونَ حليبُ التيس أكثرَ دسَماً أو أكثرَ بياضاً… وأمثال هؤلاء يعتبرون ذلك مِن بابِ الحِنكة ورجاحة العقل والشطارة… وما هو في الحقيقةِ إلّا ضربٌ مِن ضُروبِ لؤمِ النفس والشُحِّ وسوءِ الخُلُق وبخسِ الناس حُقوقهم والتضييق عليهم…واللهُ عزَّ وجَلَّ يأمُرُنا في سورةِ هود ويقول: “وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ”  وأمثالُ هؤلاء يُذكّرونا بما قالهُ المتنبّي عندما رأى رجلاً يبخسُ امرأة سلعةً “سمكةً” اشتراها منها فدفعَ لها عُشرَ سعرها، فشبَّهَ المتنبّي ذلك اللئيم بالذئب الذي يحلبُ النملة ويشرب لبنها…       بِعيني رأيتُ ذئباً يَحلبُ نَملةً                                 ويشربُ مِنها رائقَ اللبنِ يا سادة، القضية ليست مُتعلِّقة بالفقر والغنى المادّي بل بالفقر العقلي والنفسي والأخلاقي والروحي لدى بعضِ البشر… ولذلك فقد قالَ النبيّ، عليه الصلاة والسلام، في الحديث الصحيح الذي رواهُ جابر بن عبد الله، رضي اللهُ عنه: “رَحِمَ اللهُ عبدًا سَمْحًا إذا باعَ، سَمْحًا إذا اشْتَرى” ولذلك فقد جعلَ الفاروق، عُمر بن الخطّاب، رضي الله عنهُ وأرضاهُ “التعامل بالدرهم والدينار” مِعياراً للحُكم على الناسِ وتَزكيتِهم مِن عَدمها… #سندويشة_ولو_طارَت

تعليق واحد

  1. الدكتور خالد الزعبي