الرئيسية / كتاب الموقع /  القوائم الحزبية وأحزاب “الديمنو”

 القوائم الحزبية وأحزاب “الديمنو”

د.طلال طلب الشرفات

لستُ متفائلاً بما يجري في المشهد الحزبي، وقد قامت عليّ الدنيا وما قعدت؛ عندما وصفت التجربة الحزبية الجديدة بأنها إستنساخ رديء لتجربة تسعينات القرن الماضي، وبالكاد خرجت من تجربة الميثاق الوطني خروجاً آمناً يحفظ لي قناعاتي الوطنية وتجربتي الطويلة دون أن أخسر نفسي أو يغضب مني أحد.

اليوم، وقد بدت ملامح أقتسام مغنم القوائم الحزبية العامة بين السبعة “البررة” في كل حزب، وافتراس إرادة الهيئة العامة والكوادر التنظيمية في معظم الأحزاب، وإبقاء الصورة النمطية في التذاكي، وفرض سياسة الأمر الواقع بعيداً عن الرؤى الملكية الواضحة والجادّة في التغيير، والتحديث، وتمكين المرأة والشباب المنتخبين لا الذين يتم انتقاؤهم لرغبات شخصية ومزاعم مصالح الأحزاب المالية، ووجوب انتخابهم من الكوادر الحزبية مباشرة وبعدالة.

لقد باتت الوجوه القديمة التي سئمها الشعب عبئاً على الدولة ومسارها الديمقراطي، ومقتضيات الإصلاح السياسي، وأضحت تثير اشمئزاز الجمهور وحنقه منذ عقود، ولم يعد مقبولاً إجترار التجربة مرة تلو الأخرى، وكأن الإرادة السياسية العليا في وادٍ والتطبيق الفعلي على الأرض في وادٍ آخر، والنتيجة المؤسفة أن تلك الأحزاب الهشّة ستنهار كأحجار ” الديمنو” أمام أول اختبار.

قلنا، ورجونا بضرورة إعطاء الأحزاب فرصة انتخاب قياداتها وممثليها بأسلوب ديمقراطي بعيداً عن التعيين والتوافق “القسري”، وتمنينا وجوب تحييد الشخصيات “المشوهة” و”المستهلكة” و”المفلسة” وركنها نحو الظل، وأعلينا الصوت مراراً بأن المواقع الحزبية والانتخابية في أعرق الديمقراطيات لا تُشترى بالمال ولا تفترضها المواقع السابقة والحالية، وإنما إرادة الكوادر الحزبية الحرّة؛ كي يبقى الحزب -أي حزب- متماسكاً.

من لا يكون مساهماً في اتخاذ القرار الحزبي لا يمكن أن يكون شريكاً في تحمل المسؤولية، وعليه؛ فإن أحزاب الوسط المحافظ ومن دار في فلكها من الأحزاب الحليفة والرديفة ستحصد الشوك بتلك القوائم “المروعة” والمدججة بالرفض، وستحصد قوى الإسلام السياسي، وبشكل أقل اليسار الهاربين الكثر من كوادر هذه الأحزاب وقياداتها المستثناة، وقوى الموالاة المستقلة التي سئمت تلك الوجوه المكررة والمجربة بعناء.

ما زال الوقت متاحاً لإعادة هندسة مشهد المرشحين في القوائم الحزبية والمحلية بالصورة التي تلبّي رضا الناس ومضامين الإصلاح السياسي، والرؤى الملكية؛ فكل ما يرشح من نوايا أحزاب الوسط المحافظ يُنذر بالويل والثبور، وسنبقى نُعلي الصوت من أجل وطننا ورؤى قيادتنا الحكيمة، وحرصنا على بقاء المحافظين، وقوى الموالاة الراشدة سادة المشهد السياسي الوطني في المئوية الثانية.