الرئيسية / من هنا و هناك / مسيرات “بيرقدار” التركية في أوكرانيا تمثل تحديا لروسيا

مسيرات “بيرقدار” التركية في أوكرانيا تمثل تحديا لروسيا

الرمثانت – اعتبر تقرير عسكري نشرته مجلة ”نيوزويك الأمريكية“ أن الطائرات بدون طيار التركية من طراز ”بيرقدار تي بي2“ التي تسلمتها أوكرانيا مؤخراً، تمثل تهديدا بتحويل مسار الحرب لصالح أوكرانيا في مواجهة روسيا.

ولفت التقرير إلى أن هذه المسيرات باتت تشكل بالنسبة لموسكو مصدر قلق يتجاوز مخاوفها من تدفق المساعدات العسكرية الأميركية على أوكرانيا.

وكان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين انتقد، في اتصال هاتفي مع نظيره التركي رجب طيب أردوغان، في 3 كانون الأول/ ديسمبر الجاري، استخدام الجيش الأوكراني طائرات مسيرة عسكرية تركية الصنع من طراز ”بيرقدار“.

وقال بوتين: ”استخدام قوات كييف لهذه الطائرات التي نفذت هجوما ضد الانفصاليين الموالين لروسيا، يعد استفزازا“.

وأكد التقرير أن تركيا وأوكرانيا لم تكشفا عن العدد الدقيق للطائرات التي تسلمتها كييف، إلا أن التقرير يشير إلى أن Bayraktar TB2″ أظهرت فاعلية  في المواجهات تُماثل ما كانت أظهرته ضد القوات الموالية لروسيا في ليبيا وسوريا، كما كانت سلاحا حاسما لأذربيجان ضد أرمينيا.

وينقل تقرير نيوزويك عن مدير برنامج الأبحاث في برنامج دراسات روسيا مايكل كوفمان قوله: ”الطائرات التركية بدون طيار أثبتت فعاليتها، خاصة مع تكلفتها المنخفضة مقارنةً باستخدام الطيران المأهول في هذه النزاعات“.

كما ينقل عن السفارة التركية في واشنطن قولها إن ”تقاسم هذه الأنظمة مع الدول الصديقة والحليفة يساهم في تعزيز السلام والاستقرار الإقليميين، وأن هذه الأنظمة هي في الأساس دفاعية ولا تستهدف أي بلد آخر، كما يتم تحديد الدول التي سيتم تزويدها بهذه الأنواع من الأنظمة بدقة“.

يشار إلى أن هذه الطائرات العسكرية تنتجها شركة ”بايكار“ التي يتولى إدارتها سلجوق بيرقدار صهر الرئيس إردوغان، و ”تركيش ايروسبيس اندستريز“، واشترتها حوالي 12 دولة حتى الآن.

وفي تشرين الأول/ أكتوبر من هذا العام، وفي نفس الشهر الذي توفي فيه الرئيس التنفيذي لشركة ”بايكار“ أوزدمير بيرقدار، ونقل قيادة الشركة إلى ابنه الأكبر، خلوق، ظهر السلاح لأول مرة في شرق أوكرانيا، حيث أظهرت اللقطات الطائرة بدون طيار في منطقة دونباس.

وفي الشهر التالي، ظهرت تقارير عن حشد عسكري روسي على طول الحدود الأوكرانية، مما أثار أزمة دولية لا تزال مستمرة حتى الآن.

وتقاتل أوكرانيا انفصاليين موالين لروسيا منذ العام 2014 في شرق البلاد، في صراع أودى بـ 13 ألف شخص.

وقد تزايد التوتر بين موسكو والدول الغربية بشأن أوكرانيا حيث يتهم الأميركيون والأوروبيون روسيا بالتحضير لهجوم عسكري عليها.

وتنقل نيوزويك عن الزميلة المساعدة في مركز أبحاث التكنولوجيا والأمن القومي التابع لمركز أبحاث الأمن القومي الأمريكي الجديد ”ريتا كوناييف“ أمثلة من فعالية طائرات بيرقدار في الصراعات بليبيا وسوريا وناغورنو كاراباخ .

تقول كوناييف: ”في ليبيا وناغورنو كاراباخ، تم استخدامها بشكل فعال لجمع المعلومات الاستخباراتية، والمراقبة المستمرة والاستطلاع، وفي النهاية ساعدت القوات على الأرض في الحصول على ميزة ضد الخصم“.

وتضيف: ”في هجوم مضاد كبير في سوريا، دمرت القوات التركية دبابات النظام السوري وناقلات الجند المدرعة، ومعدات أخرى في هجوم متطور عالي الإيقاع نسق ضربات الطائرات بدون طيار بالنيران الصاروخية والمدفعية“.

حملة ترويج

لكن كوناييف تتحدث عن حملة ترويج ذكية تتستر وراء كل هذا الإشادات بالطائرة المسيرة، نظرًا لأهمية هذه الطائرات في الأهداف الاستراتيجية الأوسع لتركيا، فإن ما نراه هو أيضًا حملة دعاية تسويقية بارعة في وسائل الإعلام من قبل الحكومة التركية ووسائل الإعلام التابعة لها.

حيث تم عرض لقطات عالية الجودة بواسطة كاميرا الطائرة بدون طيار تبدو فيها وهي تضرب أنظمة الدفاع الجوي، كما يتم تداول صور المركبات القتالية على الأرض على نطاق واسع عبر وسائل التواصل الاجتماعي“.

وأضافت: ”هذه استراتيجية مقصودة لدعم المصالح في مبيعات الأسلحة التركية، وتصويرها على أنها قوة إقليمية رئيسية، وتعزيز مكانة أردوغان في الداخل“.

بدوره يوضح الخبير في مجلس الشؤون الدولية الروسي والباحث في برنامج سوريا التابع لمعهد الشرق الأوسط أنطون مارداسوف، الميزة الاستراتيجية التي تجلبها مثل هذه الأداة إلى ترسانة جيش أجنبي.

وقال مارداسوف لنيوزويك: ”ترجع شعبية الطائرات التركية بدون طيار إلى النسبة المتوازنة بين الجودة والسعر“.

ويضيف: ”لن يكون من المبالغة القول إن تركيا، على سبيل المثال،  كانت في حربها بسوريا عام 2020، أول دولة تستخدم الطائرات بدون طيار كعنصر عملياتي رئيسي للدعم الناري والمراقبة والاستطلاع في العمليات الهجومية والدفاعية“.

ووصف ما حصل بأنها ”المرة الأولى في التاريخ العسكري التي تم تكليف طائرة بدون طيار بدور وسيلة دعم جوي مباشر لعملية بهذا الحجم وبهذه الكفاءة“.

وأوضح أن القيام بذلك جعل من الممكن استبدال الطائرات المقاتلة والاستطلاعية بالكامل.

وقال إنه في وقت ما كان هناك ما يصل إلى 20 طائرة تركية هجومية واستطلاعية في سماء إدلب، تعمل فيما أسماه ”مجموعات الذئاب“.

ووصف مثل هذا التكتيك بأنه سيناريو كابوسي للمتحالفين مع روسيا في أوكرانيا.

لكن مارداسوف حذر من التزوير في حملات الترويج، قائلاً: ”لا ينبغي المبالغة في فعالية الطائرات التركية بدون طيار.. في جميع النزاعات تم استخدام الطائرات بدون طيار ضد عدو لديه نظام دفاع جوي ضعيف التنظيم“.

مضيفاً: ”فعالية البيرقدار قد تم تضخيمها من خلال حملة إعلامية منسقة“.

وأشار إلى أن نشر مقاطع الفيديو التي تظهر تدمير المعدات العسكرية أدى إلى خلق حالة من الذعر بين صفوف الأعداء العُزّل تقريبًا. واصفا هذه الحملة النفسية بأنها قد تأتي بنتائج عكسية إذا ضاعفت روسيا من دفاعاتها، وإن كان ذلك بثمن باهظ لموسكو.

وتنبأ مارداسوف بأنه ”في حالة تكثيف استخدام الطائرات بدون طيار في أوكرانيا، فإن روسيا ستضطر إلى المشاركة بشكل أكبر في الصراع، وعلى الأقل لبناء وسائل للحرب الإلكترونية لتشكيل دفاع متسلسل، وهو ما يتطلب وقتًا وموارد كبيرة“.