“دهواشة”

د. بسام العموش

وقفتْ أمام أمها بمنطق الحنان والشفقة والغيرة وقالت : لم تقدمين له هدية النقوط لزواجه عليك أربع مرات ؟! هل الإساءة تقابلينها بالإحسان؟، حيث كان النقوط الذي قدمته “فضية” عنزين بمناسبة زواج زوجها عليها وهو ما لم يعجب “دهواشة ” كما كان أبوها المزواج يناديها . إنها مُحبة لأبيها لكن شخصيتها القوية جعلتها ترجح استنهاض أمها لمواجهة هذا الأمر رغم إعجابها المنقطع النظير بأبيها ، لكنها الان بصدد الوقوف مع أمها لأنها لا تريدها ضعيفة بينما الأم كتلة من الطيبة والعقل حيث قالت : انه شيخ قومه ، والشيخ في ذلك الزمان يكون عنده نساء كثيرات، هذا الموقف من “دهواشة” لم يمنعها أن تبارك لأبيها الذي أحبها وتقف معه مشاركة الفرح المعلن حيث الضيوف الذين لهم متطلبات .

ويستمر حنان ” دهواشة” مع أمها حيث استضعفها بعضهم، فما كان منها إلا أن أخذت موقف المواجهة ضد من آذى أمها فصوبت حجارتها باتجاه المؤذين فأصابت ثلاثة منهم وأسالت دمهم لأنها رأت دموع أمها المظلومة، وبهذا شعرت انها أدت “شيئا” من حق أمها .

ولما انتقلت الى المدينة وصار لها معارف من الناس من مختلف الأصول، ومعرفة ثقافية لا تعليمية، استقبلت ذاك بترحيب ووظفت طاقتها البدوية في معالجة الواقع المدني وتحدثت في السياسة دون قصد فكانت تكره عبدالناصر وأمثاله، وتتحدث في القضية الفلسطينية لأنها عايشت نكبة ١٩٤٨ وهزيمة ١٩٦٧ وصارت لها صديقات من الخليل وترشيحا والقدس وجنين بالإضافة إلى الجيران من الشوام وأهل دير الزور والحجازيين، يوم فتت ابنُها حصاة في الكِلية قال الطبيب : انها حصوة قاسية لأنها حصوة نائب معارض ، فما كان من “دهواشة” إلا العودة لمنطق القوة والمواجهة فقالت : انها حصوة من الوطن وتم تفتيتها في الوطن وليس في الخارج ! فما كان من الطبيب إلا أن قال : “الله يخليك بدنا ناكل خبز “!! .

رحم اللهُ “دهواشةَ” فقد كانت مدهشة ولهذا ناداها أبوها بهذا الاسم، رحمك اللهُ يا أمي.