الرئيسية / كتاب الموقع /  بانوراما .. اكثر من مقهى

 بانوراما .. اكثر من مقهى

د. صبري الربيحات

لا اعتبر نفسي من رواد المقاهي ولا من المتعلقين بلعب الورق ” الشدة ” بالرغم انني جربت تدخين الأرجيلة والسجائر وتحلقت مع بعض الرفاق حول طاولة الورق في احدى مقاهي الشميساني لفترة قبل ان اقلع عن التدخين ومقاطع لعب الورق الى غير رجعة مع مطلع الألفية الثالثة.

اجواء المقاهي لا تستهويني بالرغم من ان بعضها تقوم بوظيفة النادي الاجتماعي الذي يلتقي فيه الاصدقاء ليتبادلوا الحديث ويتلقوا خدمات التسلية والترفيه ويفكوا ارتباطهم بكل ما يقع خارج ابواب المقهى لساعات …

وسط مجموعة الندماء يمكن ان تضحك وتقول كل ما يخطر بالبال دون ان تحتاج الى مراجعة الصياغات او ترتيب ما ستقول فلا احد من الرفاق سينتقد ما تقول والكل جاهز ليبني على ما قلت او ابداء قدر من الاستحسان لتعليقات قد تبدو ساذجة لو لم يكن الرفاق مشدودون لترتيب اوراقهم واجراء الحسابات التي يجريها لاعبوا الورق مع دخول كل ورقة جديدة الى صف الاوراق التي لا يتوقفوا عن التحديق بها .

العشرات من الأصدقاء الذين يمضون أوقات المساء يجدوا في ذلك وسيلة فعالة للتغلب على الضجر الذي يستولي على غالبية ابناء المدن التي لا تمتلك ما يكفي من الفضاءات العامة والمرافق التي يمكن ان تساعد روادها على قتل الملل.

لم أستطع بالامس ان اقاوم دعوة الصديق سمير الحياري لتناول الشاي في مقهى البانوراما الجاثم على تخوم التقاطع الفاصل بين ام اذينة والصويفية. ترددت في البداية الا انه استمالني اكثر بقوله ” هيني قاعد انا وياسر ابو هلالة “.

مشاهدة سمير او حتى الحديث معه مثير بالنسبة لي فغالبا ما لديه اشياء وهو مركز مهم للأخبار والقصص وسمير يسأل ويستمع ولا ينافس احد على الحديث ولا يمانع ان يمضي امسية كاملة دون أن يقول شيء فبالنسبة له هناك متعة اكثر في السؤال .

معرفتي بسمير وياسر قديمة وتعود الى نهاية الثمانينيات واوائل التسعينيات عندما كانا في صحيفة الرأي وهما مدرستان مختلفتان واتجاهات لا تلتقي لكنها تتحاور وتقبل بعضها البعض.

سررت كثيرا باللقاء ومررنا على عشرات الموضوعات والقضايا العربية والمالية والعالمية.. اللقاء الذي دام لساعتين كان غنيا فقد أعجبت كثيرا بقدرة الرجلين على الابحار في فضاء السياسة العربية بكل تعقيداتها وتجاذباتها وادهشني ما لدى صحفيينا من معرفة ودراسة ومنهج يفوق في رأيي ما لدى الكثير من نجوم الإعلام العالمي الذين اكتسبوا سمعة وشهرة خلدت اسماء بعضهم على جدران الزمن.

جلسة الامس كانت بانورامية مثل اسم المقهى الذي جرت على أرضه.