الرئيسية / كتاب الموقع / جبل الجوفة .. “جبل لا ككل الجبال”

جبل الجوفة .. “جبل لا ككل الجبال”

د. صبري الربيحات

للذين لا يعرفون عمان جيدا يقع جبل الجوفة على الطرف الجنوبي لسيل عمان ومن نقطة تبدأ قبالة سوق السكر وتتجاوز المدرج الروماني لتصل الى مخابز رغدان ويحده من الغرب وادي سرور والاشرفية ومن الشرق جبل التاج ويتداخل مع الأشرفية وصولا الى الشارع الممتد بين المستشفى والحاووز……ويعتبر الجبل احد اولى مناطق السكن لوجود الكهوف والتجاويف الصخرية وقربه من مركز المدينة ومصادر المياه.

على أطراف الجوفة كانت مباني مؤسسات الدولة ومبنى أمانة العاصمة والمدرس الروماني ومنزل الأمير نايف وسكن احمد باشا الجندي وفلاح المدادحة والعشرات من كبار رجال الدولة وللجوفة اطلالة على عمان لا تشبهها اطلالة أخرى.

اليوم شرفني احد الاصدقاء من قدامى سكان جبل الجوفة بدعوتي للمشاركة في استقبال جاهة خطبة قدمت من السلط وكلفني ان اجيب على طلب الجاهة نيابة عن اهل المخطوبة وكل المدعوين من قبلهم…

على مدخل القاعة الفسيحة التي شيدت في احد أحياء عمان الجديدة التقى الجمعان وتصفح الاصهار الجدد الذين حضروا بمعية انسباءهم واقرباءهم واصدقاءهم وجرى الحديث عن فضائل الزواج وقدسية العلاقة ونسب العوائل وتاريخ البلاد واللحمة الوطنية والكثير مما يتداول في هذه المناسبات التي يتجاوز عددها ال الثمانين ألفا في كل عام.

الذي شدني اليوم اكثر من اي شيء آخر لم يكن الحديث الذي جرى ولا سماحة الحضور وطيب معشرهم وخلقهم بل حجم الأخوة والصداقة والوفاء الذي جمع ابناء جبل الجوفة ممن انخرطوا في زينة الأندية واكثرها قدرة على صهر الاعضاء ودمجهم في هوية النادي والمكان …

نعم لقد كان نادي القادسية احد اهم المؤسسات الرياضية والثقافية والاجتماعية التي جمعت شباب جبال الجوفة ونظمت طاقاتهم ووجهتها في انشطة رياضية وثقافة واجتماعية تذيب التباين والاختلافات وتكسب الجوفة والمكان هوية تبعث على فخر واعتزاز الساكنين وتقربهم الى الصورة الى يتمنى كل واحد ان يراها في مجتمعه المحلي…

في منتصف السبعينيات من القرن الماضي كنا طلبة في الجامعة الاردنية ولا بوصلة لدينا فيما يخص النشاطات خارج قاعات وميادين الحرم الجامعي.. واقتداء بما قام به فريق إدارة القادسية المتجانس وبحكم القرب الجغرافي لحي الطفايلة من نادي القادسية تداعى ثلة من شباب الحي لتأسيس جمعية جعفر الطيار الخيرية وتبادلنا الزيارات مع نادي القادسية وادارته التي كانت في أعلى درجات لياقتها وحماسها واستمتاعها واعتزازها بما تقوم به….

كان الاخ ابو سلطان وحمزة الشنقيطي( يرحمه الله ) والأخ احمد ابو شيخة وهاني السفاريني والعديد من الشباب القائمين على انشطة ولجان النادي عونا لنا فقد كانوا على أعلى مستويات الاستعداد لعمل كل ما بوسعهم لدعم جمعيتنا والتؤامة معها.

في مناسبة اليوم وما انا دخلت قاعة استقبال الجاهة وصافحت الاخ احسان ابو صالحة حتى عادت بي الذاكرة الى جبل الجوفة الذي كان احد اهم الفضاءات العمانية الزاخرة بالعمل والحيوية والنشاط…..وتذكرت كيف استطاع هذا الجبل الذي يخلو من القصبات التي نجدها في غيره من الجبال ان يصير كل الساكنين وان يكسبهم لونه وحبه وهويته….

في داخل القاعة التي جرت على أرضها مراسيم الطلب والايجاب قابلت اجيالا من اعضاء النادي وقياداته الذين حضروا ليقفوا ليشاركوا احد اهم نجومه الذين حملوا الشعار والاسم ولعب لقرابة عقد من الزمن في فريقه الأساسي…

في حديث جانبي مع رئيس النادي واعضاء من إداراته المتعاقبة احزنني ان النادي غادر موقعه القديم في الجبل الأقدم وارتحت من الجوفة الى الحسين بعد ان جمد نشاطاته الكروية …..وعدت الاصدقاء بأن ازورهم قريبا لاستعادة بريق الأيام الجميلة والروح التي بثها فينا الأوائل من ابناء عمان الشرقية وجوارها.

تحية لكل الرجال الذين اعطوا لبلدهم ومجتمعهم الكثير دون آت ينتظروا المقابل.