بلا شرف

بسام السلمان

بمجرد ان شك بها قام بقتلها، نصب نفسه قاضيا وجلادا، فمن اعطاه حق التنفيذ ومن منحه مسؤولية الانتقام، وكيف له ان يحمل في رقبته دم انسان، ومن هو هذا الانسان انه ابنته او شقيقته، ترى الم يسمع صوتها وهي تستغيث به وهو يشعل بها النيران او يلف حول عنقها الحبل لخنقها او يطعنها عدة طعنات بسكين كانت تعد بها له طعام الغداء وتقطع له بها الفوكه اكراما له، من اعطاه هذا الحق وهو ليس حق انما هو حمق وجهل وغباء وتخلف ويكفي ان يكون عند الله قاتلا ويكون في الارض وفي السماء مجرما.

ثلاث جرائم نشرتها الرمثا نت خلال اسبوع، ارتكبت بحق ثلاث نساء بحجة الشك بسلوكهن و”غسل العار”، بقتلها بأسلوب بشع، غابت عنه مشاعر الأبوة والأخوة.
فقد أقدم أب يبلغ من العمر 48 عاما على قتل ابنته حرقا أثناء نومها بعد سكب البنزين حول فراشها وداخل غرفتها، مغلقا باب الغرفة بعد إضرام النار فيها، الفتاة تبلغ من العمر 19 سنة، هي أم لطفلين صغيرين، كانت قد تزوجت في عمر 16 سنة إلا أنها انفصلت عن زوجها الأول بعد مرور عام على زواجها، لتعاود الزواج من رجل ثاني انفصلت عنه قبل ارتكاب الجريمة. والاب المجرم اعترف خلال استجوابه شكه بسلوك ابنته المغدورة، فقرر قتلها حرقا أثناء نومها.

أما القضية الثانية، فقد أقدم ثلاثيني على قتل شقيقته المغدورة البالغة من العمر 19 سنة، بنحر رقبتها بسكين، بعد مشادة كلامية وقعت فيما بينهما لشكه بسلوكها. اعترف خلال استجوابه بقتل شقيقته بعدما شك بسلوكها خلال حديثه معها حول إقامتها علاقة مع أحد الأشخاص، القاتل استل سكينا من المطبخ وقام بـ”نحر” رقبة شقيقته من الوريد للوريد، تاركا جثتها على الأرض غارقة في الدماء .

أما القضية الثالثة، فقد أقدم رجل اربعيني على قتل شقيقته العشرينية، طعنا بخنجر على انحاء متفرقة على الرقبة والصدر، و كان القاتل قد تشاجر مع شقيقته المغدورة قبل طعنها، حيث نشبت فيما بينهما مشادة كلامية حول شكه بسلوكها، لتحدثها مع أحد الأشخاص، فاجأ شقيقته بطعنها طعنه بخنجر احضره من داخل المنزل، وتتوالى الطعنات من قبل شقيقها القاتل حتى الموت.

ثلاث قصص تقشعر لها الابدان زفتها الينا الوكالات الاخبارية، قصص وعناوين تكتحل بها عيوننا لترافق قهوتنا كل صباح، تقتلنا بدون سكين، وترتبط هذه القصص بظاهرة”القتل بدافع الشرف”، و”القتل بدافع الشرف”كلام يتردد بعد كل جريمة تقع بلا شرف، فالقاتل اصبح يدعي انه الضحية!! وأنها من قتلته وقتلت عائلته في صميم شرفهم، فهو يحفظ عن ظهر قلب”العار ما بيغسله الا الدم”، وهذا المفهوم ورثه بعض الابناء عن الاباء جاهلا عن جاهل!!  يقتلون ليرفعوا رؤوسهم أمام الناس الذين يخشونهم أكثر من خشيتهم لله؟؟ ويتعاملون مع الشبهة والظن تعاملهم مع القطع واليقين.

اما الفتاة، تلك الانسانة الضحية، فمحرّم عليها أن تدافع عن نفسها، فالعدالة هنا تصبح صمّاء لا تسمع وعمياء لا ترى ذلك ان اكثر جرائم قتل النساء تتم بناء على الظن والذي لا يساوي في ميزان الحقيقة شيئا فيأتي الندم”ولا تنفع ساعة الندم”  ويدعي القاتل انه غسل عاره بسيفه، علما بان العار كل العار هو ما اقدم عليه وان قتله لها باسم الشرف ليس فيه شيءّ من الشرف، فالقاتل هنا لا يساهم في حماية الاخلاق وانما يشوه الاخلاق اذ كيف تجتمع الجريمة مع الشرف؟ ثم هل هناك شيء في الشرع والقانون اسمه دافع شريف في القانون؟؟
لماذا نعطي لأنفسنا الحق بقتل الفتاة!!وكيف للقاضي أن يكون هو الجلاد؟ من نحن لنأخذ القانون باليد؟ فمن ينصب نفسه حاكما أو قاضيا ومنفذا للعقوبات انما هو مفسد في الارض حتى ولو كان دافعه الاخذ بالثأر أو الانتقام للشرف .