آخر رسائل حبيبتي

بسام السلمان
وصلتني صباح اليوم، لا ابدا، وصلتني منذ زمن ولكني عاق جاحد بحقها، اهملت رسائلها كلها ولم التفت الى ما تعاني منه لاني بعيد عن المها وجوعها وبردها، فأنا اعيش في بيت آمن مطمئن على نفسي واولادي وبيتي بينما تعيش هي في رعب وخوف ومرض ولا اقول ذل رغم ما تعيشه، في فخر وعز وكرامة نفتقدها نحن الامنين المطمئنين.
حبيبتي في اخر رسالة ارسلتها وربما لا نسمع منها بعد اليوم، ربما نسمع عنها فيما بعد، فهي تقول:
رغم أنني أحببتكم جدا، ورغم ان عمري تجاوز سنينكم ورغم انكم ابعدتموني عنكم إلّا انني لم أقصر يوماً في حمايتكم والدفاع عنكم وعن شرفكم.
ايها الحبيب الجاحد
كنت الجدار الأول في وجه سهام الغزاة، وتحملت منذ بداية الخلق قتلهم ووحشيتهم، ورغم ان أجزاء كثيرة تحطمت مني لكنني ما زلت صامدة وما زلت واقفة شامخة رغم مرور كل هذه السنوات الصعبة وما زلت احمل اسم نصركم على أعدائكم.
تضرعت النساء داخل قلبي ورفعت ايديها إلى الله في مساجدها، كنت اسمعهن جميعا وأدعو معهن، أحزن لحزنهن و أفرح لفرحهن، وبكى الاطفال دمعا مني وتحسر شبابي الما وحزنا على شبابي.
ورغم انني اقتل في اليوم الف مرة الا انني اشعر بالسعادة لأن الله اختار لي أن أمضي في حمايتكم والدفاع عنكم ورفع راياتكم عالية في السماء، لكنكم يا حبيبي أهملتموني، فعلتم بي ما لم أتوقعه يوماً، هجرتموني وتخليتم عني، تركتوني وحيدة اواجه ظلام العالم وظلاّمه، ترتكوا جدراني تتصدع ولم تلقوا لي بالا، اغلقتوا ابوابكم بوجهي وبوجه اطفالي الجياع الذين يموتون من شدة البرد ولم تذرف لكم دمعة حرة عليهم.
ايها الحبيب الغائب، هذي اخر مرة اكتب لك فيها رسالة، فقد قمتم بتقطيع جسدي وانا المحبوبة وتركتم شجر الغرقد يحاصرني في كل مكان، وتركتم اعشابهم القاتلة تلتف حول ازهاري الجميلة وتقتلها وترتكم حقدهم الدفين يصدع قلبي وعقلي ويسرق مني ذاكرتي، بل انكم احيانا من حيث تدرون او لا تعلمون تشاركوهم القتل والحصار والدمار.

عودوا إليّ قبل ان افقد عذريتي وطهري وروحي وجسدي وابعدوا الموت عني وعن اطفالي قبل ان لا ينفع الندم. أتنتظرون أن ينصفني الأغراب قبلكم؟!! لا، لا أريدهم، أريدكم أنتم ..
أنتم اهلي واحبائي انتم أولادي واصدقائي لا هم ..
أنقذوني منهم فأنا اموت.
سامحكم الله حتى رسالتي الاخير لا احد يجيب عليها، وداعا قد يكون اخيرا ولكني سأذكركم يوما انكم قد تخليتم عني وتركتوني واطفال نواجه الموت وحيدة.
ارجوكم ولو باضعف الايمان ادعو لي ولا تدعوا عليّ
حبيبتك، او من كانت حبيبتك
غزة