الرئيسية / كتاب الموقع / القمة العربية والفرصة التاريخية

القمة العربية والفرصة التاريخية

د. عدنان سعد الزعبي

 

لا شك أن القيادات العربية تعي المناخ السياسي العام في العالم ، والرفض الدولي الشعبي المتزايد ، تجاه الممارسات الإسرائيلية الوحشية في غزة ، والواقع العسكري الإسرائيلي المخزي في ساحات الصراع في غزة ، والسلوكيات الهمجية وغير الإنسانية للإدارة الإسرائيلية وارتكابها جرائم حرب شهدت على جرمية العقلية الصهيونية لنتنياهو وفريقه الحربي ، ويدر;ون أيضا أن قضية الحرب على غزة ليست قضية حماس بذاتها بمقدار وجودية الشعب الفلسطيني في غزة ، كونها مربوطة بالصراع الحزبي في إسرائيل وتاريخ نتنياهو السياسي ووجوده ، فموضوع الرهائن الذي يتحجج به قادة الحرب في إسرائيل ليس صحيحا على اعتبار أن القصف والدمار ، الذي يمارسونه بشعار الأرض المحروقة ، لا يفرق بين اسير ومواطن ومقاتل ، فقرار أدارة الحرب هي الإبادة والترحيل وليس انقاذ الرهائن ، خاصة وأنهم هددوا بحرب نووية على غزة .

القادة العرب أمام فرصة عظيمة لا بد من اغتنامها وعدم التنصل من مسؤولية الحق الديني والقومي والإنساني، بل والرجولي ، لاعادة الكرامة وفرض الإرادة ، وأحياء المجد العربي الذي لا يمكن أن يتحقق لدولة دون أخرى ، أو نظام عربي دون آخر . فسقوط إسرائيل وخيبة امل الإدارة الامريكية وفشل الجيش الذي لا يقهر والاداة الامريكية وقيادتها العسكرية والدعم الاروبي المطلق لم يسعف الدولة العنصرية المحتضنة من تحقيق أي نصر أو تقدم أو نجاح . الا الدمار الشامل وارتكاب جرائم الحرب وخرق القوانين الدولية وتولي نهج الإبادة الجماعية في غزة.

وها هي غزة تذبح امامنا وواقع غزة المؤلم شاهد على مستقبل الشعوب العربية وحسب المخطط الصهيوني . ؟! وهي مسؤولية وتحدى كبير أمام القادة العرب ، وهي تتطلب وبشكل ملح موقفا عربيا يعكس إرادة الشعوب العربية والإسلامية والعالمية بفرض وقف الحرب على غزة فورا ، ويصال المساعدات وبشكل فوري ومفتوح وبلا شروط ، وإعادة اهل غزة الى مناطقهم ، والبدء بإعادة الاعمار ، والمضي الصادق والمسؤول بالحل السلمي وفق المبادرة العربية عام 2002 والتلويح بإجراءات عملية صعبة على العالم تلوح بها القمة ، إضافة لتبني قرارا بإحياء اتفاقية الدفاع العربي المشترك والجيش العربي المشترك ، والدعوة الى تدريب الشعوب العربية والإسلامية ووضع موازنات لها ، وتعليق مسارات التطبيع ، والاعلان الواضح بأن قبولنا لمسيرة السلام والتطبيع مع إسرائيل بنجاح المسيرة السلمية وبقيادات إسرائيلية مؤمنة حقيقة بالسلام العادل الشامل في المنطقة

وهذا نفسه يجب أن ينعكس على قرارات قادة رابطةالعالم الإسلامي . . فالموقف العربي والاسلامي الموحد قوة قادرة على ردع كل من يحاول المساس بكرامة وأرض ومستفبل الشعوب .

القادة العرب يدركون الان أن هذه الحقائق بدأت تعكس تأثيراتها على القرارات المتحيزة والعمياء للإدارة الامريكية والعديد من الدول الاروبية ، خاصة بعد الفشل الذريع والمتلاحق للإدارة العسكرية في الحرب المستعرة ، والتي عولت عليها اجتياح غزة في غضون أيام والسيطرة على الواقع المكاني وفرض سياسة الامر الواقع على الغزاويين .

القادة العرب يدركون أن مليونيات الشعوب القاصدة البيت الأبيض والكونغرس ومجلس العموم البريطاني والبوندستات الألماني ومقر الاتحاد الاروبي والاليزية الفرنسي ، الرافضة للحرب والداعية لوقف النار ، دفعت بالمفكرين السياسيين لهذه الإدارات الالتفاف لحقائق راسخة أهما تلك المواقف المتناقضة مع الفلسفة الوجودية والثوب الزاهي الذي ارتدته تلك الدول وزهت به من حقوق إنسانية والدفاع عن الإنسانية والحرية . حيث وجدت نفسها الآن ، تنكشف امام شعبها وشعوب العالم خاصة وأن بعض الإدارات قاب قوسين أو ادنى من انتخابات مصيرية . بينما وجدت العديد من الدول الاروبية نفسها محرجة امام شعوبها وهي ما زالت تدافع عن أكرانيا التي تورطت بها ولم تستطع الخروج من هذه المحتة .

القادة العرب يدركون تماما ‘ أن تلك المواقف العالمية الداعمة لإسرائيل وبهذا الزخم الكبير الذي ادركنا معانيه بحرب غزة يؤكد حقيقة ثقلنا ووزننا ، ونظرة العالم لنا ، وبينت ضعفنا وقلة حيلتنا وهواننا على هؤلاء الذين ما زالوا يكررون ويعلنون أننا أقل من البشر ؟ ويدرك قادتنا أيضا أن حضارتنا ، وثرواتنا وأهميتنا المكانية والحضارية لم تسعفنا ولم تمننا حتى من اسماع صوتنا أو فرض ارادتنا . فنحن ما زلنا وسنبقى برأيهم حراس هذه الثروة وأدوات تحقيق مصالحهم بالعصا أو بالتفريق بيننا، أو بالضحك على ذقوننا ،والتاريخ شواهد على ذلك .

آن الاوان أن نؤكد وجودنا وكرامتنا المستباحة ، آن الأوان أن تتعزز الثقة بين الشعوب وحكامها ، آن الأوان أن نعيد مجد الامة وشموخها ، التي ستفرض هرولة العالم الينا ودا واستسماحا . آن الاوان أن نرسم مستقبل الامة ومسيرة الامة ، ونفرض كلمتنا ونستعيد حقنا وقدسنا المسلوبة . فهل يتحمل القادة مسؤليتهم ، وهل يرتقوا لمستوى التحدي ، أم سنشهد قمة روتينية تعزز الإحباط وتزيد الفجوة بين الشعوب وقيادتها .