بكل الأحوال إن كلفة ذلك و محاولات السيطرة على فوضى الردود -لا أعني هنا مغازلات /أقصد/ مواجهات الهجوم والرد و ارتداداتها بين طهران و اسرائيل و تداعيات غزة و رفح وحسب- بل أعني تجنب المواجهات الحقيقية ومرحلة جديدة من تصفية الحسابات التي تكون معها إدارة الصراع الذي تقوم به القوى المؤثرة في المنطقة خارج السيطرة ، في وقت كان قد اعتُبر خدمة للنفوذ وإدامة لخضرة القوة والمصالح في المنطقة والعالم.
يتعاطى الأردن بقيادة جلالة الملك بحكمة بالغة مع تداعيات الحرب في غزة و الإقليم مستمراً بأداء واجبه الانساني -بخطى ثابتة غير منتظر لأي شكر أو نكر- منذ أن ابتدأت، و لن يقبل بأي حال من الاحوال جره الا ما لا يقرره بما يحفظ سيادته و أمنه و مصالحه، و سيتصدى بكل حزم لأي محاولات لخرق سيادته الجوية أو تمرير ملفات أية جهة كانت على أراضيه و سيقف بالمرصاد لأي محاولات لاستخدام أجواءه أو أراضيه كساحات حرب أو تصفية حسابات.
إنّ إعادة ترتيب الأولويات على المستوى الوطني باتت أولوية غير قابلة للمواربة أو المماطلة، تتطلب وجود مشروع وطني استراتيجي برامجيّ، يدرك خطورة المرحلة السياسية و دقّتها، ويضع خطة عمل بأبعادها السياسية والامنية والاقتصادية والادارية والاجتماعية تعي دقة المرحلة و استحقاقاتها من جهة و تدرك استثمار الفرص العالمية والاقليمية في المنطقه ومبنية على الاعتماد على الذات، غير قابلة للتأجيل أو المماطلة، قِبلتُها المصلحة الوطنية العليا للدولة الاردنية، تراعي مصالح شعبنا السياسية والاقتصادية و الانسانية وواجبنا تجاه الاجيال القادمة، لتعبر بنا الى بر الامان ، الحكومات و حكومات الظل -الاحزاب السياسية- هذا بيت القصيد وهذا هو التحدي الحقيقي.
وحده السلام المبني على إيجاد أُفق لحل سياسي سيحقن الدماء و يحفظ السلم العالمي، أمام مشهد إنساني كارثي تسوده الابادة العرقية و المجاعات في قرن عبر ثورة تكنولوجية و قبلَهُ أخرى صناعية !
لا مبرر للمجتمع الدولي التخلي عن مسؤولياته الانسانية منها بالدرجة الاولى فلن يرحمنا التاريخ و لا الاجيال القادمة،
ولن تعبر هذه التحديات الاّ أوطان قوية تعمل وتستجيب للتحديات بجدية لن أقول هنا من أجل غد أفضل، بل بما يضمن بقائها في معادلة الوجود و النفوذ…