الرئيسية / اخبار / من التراث الرمثاوي – أكلات شعبية.. الدكتور سعيد البشير

من التراث الرمثاوي – أكلات شعبية.. الدكتور سعيد البشير

الدكتور سعيد البشير

في هذا الجزء ، سأتحدث عن الأكلات التي يكون طحين القمح البلدي المكوّن الاساس في صنعها . كما سأستعرض أكلات التحلاية الشعبية ، وبعض الاكلات الخفيفة ، التي كانت سائدة في ذلك الزمان ، ولا يزال بعضها الى الآن .

ثانيا – الأكلات التي يكون طحين القمح البلدي المكون الرئيس في صنعها :-

١- آذان الشايب : هذه الأكلة الشعبية لا تزال تطبخ في الرمثا وغيرها الى الآن ، وهي أكلة مشهورة في بلاد الشام عامة ، وتدعى في سوريا ( شيش برك ) ، وهي من اصل تركي ، وتعني العجين المقفول ، ( شيش تعني عجين ) ، ( بركك وتعني مقفل ) . وفي بلادنا تسمى ( آذان الشايب ) ، لأنّ شكلها يشبه اذن الانسان .

والطريف في الأمر ، أنّني كنت اسمع من عمتي رحمها الله ، انهنّ كنّ أي نساء بيتنا القديم ( بيت جدي رحمه الله ) يعملنّ في صنع طبخة آذان الشايب ، وهنّ يجلسن في باحة الدار ، فدخل احد جيراننا وهو المرحوم الحاج ضيف الله العرجاني ، وكان كبيراًفي السن ، وكان يتردد دائماًعلى مضافة جدي رحمه الله لاحتساء القهوة العربية والتسامر والتسلية ، فشهد النساء منهمكات بعمل شئ ، فسألهن ّ : ” شو بتساون يا نسوان ؟ ” . فردت عليه والدتي رحمها الله ، وكانت حديثة العهد في الرمثا اذ انها من اصول سورية

، فقالت : ” أدانك ” ، وتعني أذان الشايب . وهذا الأكلة الت يعرفها الجميع ، تتكون من عجين طحين القمح البلدي ، الخامر او العويص . فيقطع الى قطع صغيرة ، ثم تُرّق حتى تصبح بسماكة ٥ملم ، ثم تحشى بلحم الخروف او الحوار المفروم ناعماً ، وتطوى الرقاقة على بعضها ، وتلصق الاطراف بالضغط عليها بالاصابع ، ثم تلف عل شكل اذن انسان . وبعد الانتهاء من صنعها ، يوضع اللبن على النار وبعدها توصع حبات اذان الشايب فيه ، ويبقى على النار حتى ينضج .

٢- المقطّعة : واكلة المقطّعة هي أكلة شعبية قديمة ، كان أهل الرمثا قديماً يطبخونها على نطاق واسع . وتتكون ايضاً من عجين طحين القمح البلدي ، حيث يقطع العجين الى قطع كبيرة بحجم الرغيف ، ثم يرق حتى يصبح بسماكة ٦ملم ، ثم تطوى الرقاقة على بعضعها البعض حتى يصبح عرضها بحدود ٣سم ، وبعد ذلك تقطع الى قطع صغيرة بحود ٢-٣سم ، ومن هنا أُخذ اسمها ( المقطّعة ) . وبعد ذلك يبدأ طبخها ، حيث يوضع في قدر او طنجرة بعض الماء حسب خبرة ربة المنزل وتضعه على النار حتى يغلي ، ومن ثم تسقط العدس الحب فيه ، وقبل ان ينصج العدس تماماً تضع قطع العجين السالف ذكرها في القدر ، ويترك على النار حتى ينضج العجين مثل آذان الشايب تماماً. وفي سوريا يسمون هذه الأكلة ( حرّاق اصبعه ) ، وبعضهم يصنعها من الخبز اليابس الزائد عن الحاجة .

٣- الكعاكيل ( chعاchيل) بالرمثاوي : لا تزال بعض نساء الرمثا ممن عاصرنّ امهاتهن وجداتهن يطبخن هذه الأكلة ، التي تتكوّن من الطحين والبيض المخفوق وعشبة الدنيدلة ، ( وهي عشبة برية ) تنبت في ربوع الرمثا وبعض العدس الحب المسلوق ، وتعجن المكونات مع بعضها البعض ، ثم تقطّع الى قطع صغيرة نوعاً ما بقدر حجم البيضة الصغيرة ، ثم يوضع لبن الجميد او الشنينة في قدرعلى النار حتى الغليان مع التحريك المستمر ، وبعد ذلك تسقط قطع الكعاكيل في اللبن ، ويبقى على النار حتى ينضج .

٤- خبز بصل : وهي أكلة قديمة لا تزال لها شعبية كبيرة اصبحت تقدم في المطاعم ، او عن طريق التواصي . وهي غنية عن التعريف والشرح .

٥- المطابق والمسافن : وهذه الاكلة لم تعد تعمل في الرمثا الا على نطاق ضيق ، وهي عبارة عن عجين ،يُرق على قدر الصينية التي يراد ان يخبز بها ، وتوضع الرقاقة الاولى في قاع الصينية بعددهنها بالزيت ، ثم توصع بعض قطع سفاين الدجاج البلدي ، وتكرر هذه العملية بحيث يصبح عدة طبقات من العجين والدجاج . ووبعضهم يضع قطع لحم الخروف بدلاًمن الدجاج ، ويسمى في هذه الحالة ( مطابق ) والاول يسمى ( مسافن ) نسبةًالى سفاين الدجاج . وبعد ذلك توضع صينية المطابق او المسافن في فرن الطابون حتى تتحمّر .

٦- المكمورة : وهذه الاكلة اصبحت نادرة في هذه الايام . وهي تشبه اكلة المطابق ، من حيث اللحم البلدي والعجين ، وتوضع طبقات العجين واللحم في اناء فخاري ( قدرة ) ، ثم يُحكم اغلاقه بواسطة العجين ، وبعد ذلك توضع في فرن الطابون او على الاصح تُكمر في نار الحطب ثم يغطى القدر الفخاري بالتراب حتى تنضج تماماً. وهذه الاكلة لذيذة جداً، ولكنني للأسف لم اتذوقها .

٧- وهناك اكلات شعبية خفيفة بعضها لا تزال تُعمل ويؤكل ، وبعضها انقرض :

ا – الكراديش : تصنع الكراديش من دقيق الذرة البيضاء ، يعجن الطحين ثم يُخبز في فرن الطابون . والعجينة ( مقطوعة الحيل ) ، أي لا يمكن رقّها او خبزها مثل خبز القمح ، بل تأخذ الخبازة قطعة من هذا العجين ملئ كفها ، وتضعها مباشرةً في الفرن . وبعد ان ينصج يكون لونه بني فاتح وعلى شكل قبة . وبعض النساء ولتحسين مذاق الكردوش يحشونه بالبندورة ، او بالعكوب في موسمه . ويدعى الكردوش حينئذٍ ( بالمحشوك ) . والكردوش يكون مذاقه مقبولاً عندما يكون طازجاً وهو خارجاً من الفرن ، ولكنه بعد ان ( يجفر ) يصبح متحجراً. وكان الناس في الرمثا يلجأون الى طحين الذرة البيضاء في سنين المحل والقحط ، او يخلطونه مع القمح والشعير ويسمى ( بغيثة ) ، وذلك لعدم توفر القمح او ارتفاع ثمنه بشكل كبير جداً .

ب- الفطاير : لا يزال بعض الفطاير تصنع حتى الآن ، كفطاير الكشك والسبانخ ، وفطاير البندورة وفطاير الحميض ، وفطاير العكوب . وكان الشباب يتغون بها :

يا لقاطات العكوب اطعمني فطيرة

أني ما صيدي العكوب صيدي البنت الصغيرة

ج- الهفيت : والهفيت اكلة بدوية الأصل ، اما في الرمثا فكانت تصنع في الرمثا على نطاق ضيّق . والهفيت مكوّن من خبز الشراك ، حيث يوضع الشراك فوق بعضه العض على شكل طبقات في منسف ، ويشرَّب باللبن الممزوج بالسمن البلدي ، حتى اذا وضعت يدك لتناوله فإنها تهفت فيه ، ومن هنا جاء اسمه ( الهفيت ) .

د – الشخاتير : والشخاتير تتكون من كرشة الخروف الصغير ، وتقطع الى قطع بحجم كف اليد او اصغر من ذلك بقليل ، ثم تُحشى بالرز واللحم المفروم ، ثم تُثنى القطعة على بعضها وتخاط بخيط وابرة . وتوضع الشخاتير في قدر وتطبخ على النار ، وبعضهم يضع معه الكراعين ( ارجل الخروف بعد تنظيفها ) ويلف حولها مصارين الخروف بعد تنظيفها ، وكذلك رأس الخروف . وتبقى على النار حتى تنضج تماما .

ه- أكلات خفيفة متفرقة : كالخبيزة والعكوب ( وهو اكلة لذيذة ) ، والعلت ، والمزنرة . والمزنرة لمن لا يعرفها ، هي عبارة ورق البصل الاخضر الطويل . فتلف الورقة حول لقمة الخبز ثم تؤكل ، ويكون البعض محظوظاً اذا عمّس لقمة المزنرة بالقليل من مريس الجميد الموضوع فوقه ( خيط من زيت الزيتون ) ، او بعض لبن الكيس ،( شنينة توضع بكيس من القماش الابيض ويبقى حتى يصفّى من الماء ويصبح جامدا )

ثالثا – اكلات التحلاية : كان اهل الرمثا يهتمون كثيراًبأكلات التحلاية ، وكانوا يصنعونها بأيديهم ( النساء ) .

١- المردد : ويصنع المردد من عجين طحين القمح البلدي ، فيرّق العجين حتى يصبح سماكته بحدود ٣ملم ، ثم تُدهن بزيت الزيتون وغالبا بالسمن البلذي ، ويرّش فوقها السكر ، ثم يتم طيها على بعضها البعض من اربعة اركانها ، ثم تدهن بالسمن البلدي وترش بالسكر ، وتكرر هذه العملية عدة مرات وفي كل مرة تضغط حتى يصبح سماكة العجين رقيق جداً ، ومن هنا جاء تسمية هذه الاكلة بالمردد ، لانّ العجينة تُرد على بعضها عدة مرات . وبعد ذلك تُخبز في فرن الطابون حتى تتحمر . وبعضهم يقوم بتفتيتها في وعاء ويصب فوقها السمن البلدي والسكر او القطر . صدقوني انها اطيب من القلاوة .

٢- اللزاقيات : وهي من اكلات التحلاية الشعبية الفاخرة . وتتكون من عجين طحين القمح البلدي ايضاً ، ويجب ان يكون العجين ( مريقاً) أي رخواً ويشبه عجينة العوامة . وتحضر المرأة الصاج ، وتقوم بإيقاد النار تحته حتى حتى يسخن تماماً ، ثم تأخذ القليل من العجين ملئ كف اليد ، وتضعه على الصاج المحمي ، ثم تقوم بفرده على الصاج حتى يصبح رقيقاًجداً . وتكرر العملية حتى ينفد كافة العجين . وبعد انتهاء عملية الخبز توضع اللزاقيات في صدر واسع فوق بعضها البعض ، ويصب فوقها السمن البلدي ويرش السكر او القطر فوقها ايضاً . ولمن لم يتذوق اللزاقيات اقول له صدقوني انها اطيب من أفخر أنواع الكنافة .

٣- الزلابية : تتكون من عجينة مريقة تشبه عجينة العوامة ، وبعد ان تختمر العجينة ، يوضع الزيت في اناء القلي ، ويسخن على النار حتى ما قبل الغليان ، ثم يقتطع قطعة من العجين وتوضع في الزيت الحار على شكل رغيف ، او اشكال اخرى ، وبعد ان يتحمر يخرج من الزيت ويوضع مباشرةًبالقطر . والزلابية قديمةًجداً فقد وصفها ابن الرومي بهذا البيت من الشعر ؛

رأيته سحراًيقلي زلابيةً برقة القشر والتجويف بالقصب

٤- البحتة والحليبية : الحليب هو المكوّن الرئيس فيها ، فيوضع الحليب على النار ، ويبقى حتى الى ما قبل الغليان ، ولا يجوز غليه حتى حتى لا يشوط الحليب ، ويتغير طعمه ، ويوضع السكر معه حتى يصبح حلو المذاق .

6 تعليقات

  1. المقاطعة عبارة عن عجين قمح يوضع عليل قليل من الملح تقرص العجينة وتركها لترتاح ورش طحين على طاوله المطبخ ورق العجينة عليها وبعدين بترش طحين فوق العجينة وبتصير تلف بالعجينة وكل كالفين بترش طحين وبعدين بتصير تقطع العجين زي المعكرونة بالطول وبترش طحين عليهم وعلى جنب بتغلب بالطنجرة سنينة أو حميد وبتكون مصير العدس وأخذهم فوق الحميد وبس يغلوا سقط العجين فوق البن والعدس وقلي شركات بصل وحطهم فوق المقاطعة بعد تسميهم وذوق شو طيبة مع أني من الجيل الجديد بس بعملها وأنا مغتربة وصحتين وعافية

  2. الله يقويك يا دكتور ويعطيك الصحة والعافية
    نسيت اطيب واهم اكله بيهن كلهن دكتور
    الكباب

  3. هناك اكلات مثل المقطعة والزقاريط نسمع بها في الاكلات القديمة – هل يمكن ان يفيدنا احد العارفين – مع الشكر الجزيل

  4. Taisier Daraiseh .michigan

    يسلم ثمك يا دكتور .شوقتنا للبلاد.يسعد الرمثا اهلها واكلها.

  5. محب للتراث

    شكرا دكتور على هذه المعلومات الرائعه

  6. دكتورنا الغالي ابدعت وافلحت – شكرا لهذا السرد والتوصيف الجميل لموروثنا ومطبخنا الصحي الشهي اللذيذ – وياريت يكون هناك من يتطوعن من امهاتنا واخواتنا المخضرمات لتعليم بناتنا من الجيل الجديد على هذه الاكلات لانها جزء من هويتنا وحضارتنا ووجودنا ولانها صحية وطيبة – كل الاحترام دكتور