الرئيسية / كتاب الموقع / بائعة الشاي

بائعة الشاي

بسام السلمان

هذا الصيف، قررت ان اقضي عطلتي السنوية في مدينة أماسرا التركية، مدينة صغيرة تقع في مقاطعة بارتين المطلة على البحر الأسود وتعد مدينة مذهلة وتشعر بأنها معزولة عن العالم الخارجي، مما يجعلها ملاذًا رائعًا للاسترخاء والابتعاد عن صخب المدينة.

في مساء اخر يوم جلست على رمل البحر، كانت الشمس تغادر السماء وتغطس في البحر، عندما تنظر إلى صورة الغروب وانعكاسه على البحر ترى معجزات الله على الخلق والإبداع، ففي الغروب تبدا الشمس بالرحيل لتنبأك بانتهاء اليوم لكن عندما تريد السماء توديع البحر قبل حلول ظلمتها، تنشر لون الحب في كل مكان لتعكسها على مائه فترى الشفق الأحمر يخبرك ان الشمس الذهبية راحت تتسلل رويداً رويداً لتختفي خلف الجبال معلنة للناس بأن اليوم قد انتهى،  جميل جدا البحر وقت الغروب، ما أجمل صفاؤه، يذكرني بالمحبوب والصديق الذي تحفظ لديه أسرارك.

قلت للبحر”قذفت فيك كل آلامي وهمومي، شكوت لك كل أحزاني وأفراحي”. كان البحر صامتا الا من موجة وصلتني متكسرة.

كنت اجلس في مكان منعزل عن الناس، همست في اذن البحر” ما أروعك حين يطل عليك العشاق، وما أشد ظلمتك حين تطل منك الذكريات، وتنكسر على ضفافك الأحلام”.

وسألته” هل ما تزال تلك الصبية تزورك كل شهر، تلك الصبية التي تعرفت عليها هنا على هذا الشاطيء قبل عشرين عام؟ هل تذكرها؟ بائعة الشاي، كانت تكتب لي كل يوم، وكانت تدعوني لتكرار الرحلة والجلوس في هذا المكان معا، هذا المكان الذي قالت لي انها تزوره في كل شهر مرة، تجلس عند الغروب وتداعب الرمال باصابعها، تعيد تلك اللحظات التي عشناها معا.

لم تعد تكتب لي، ولم تعد ترسل لي صورها معك، صورها عند الغروب الجميل، هل تعرف اين ذهبت؟  اخبرني جارها في السوق انها منذ عام ذهبت الى البحر الاسود ولم تعد. ذهبت تبحث عن الشمس التي هربت منها، عانقت موجة كبيرة وغطست في اعماق البحر.
اين هي يا بحر؟

 

 

تعليق واحد

  1. اتوقع رحلت إلى الخرطوم بالسودان،